لمصر التحرير ورابعة .. حق براءة اختراع عجيبة سابعة !
بقلم/ د. حسن شمسان
نشر منذ: 11 سنة و 5 أشهر و 12 يوماً
الجمعة 05 يوليو-تموز 2013 07:08 م

إن الذي يتأمل مصر التحرير (لا التشطير) - يوم 25 يناير تحديدا- فإنه يقرأ مصر السعيدة بحلتها الجديدة؛ إذ تجلت تلك السعادة وهذه الجدة فيما أسفر عنه ذلك اليوم المشهود؛؛ من ثورة عظيمة حققت نتائج عظيمة تستمد عظمتها وبهجتها من عظمة الوحدة أو الغزل المحبوك متعدد الألوان ؛؛ ولعل أهم هذه النتائج وأعلاها قيمة على الإطلاق قيمة /الحرية/ وهذه القيمة تنخلع على الإنسان؛ وعلى /الوطن/ وإذا كانت مفردة الحرية هي ألصق الإنسان؛ فإن لها مرادفا آخر هو /السيادة/ الذي هو أشد التصاقا بالوطن القيمة؛ فالإنسان الفرد لا يُقرأ على أنه مادة أو وعاء /الدم/ بل هو ما يوفره له الوطن من /القيم/ وأعلاها شرفا وقدرا الحرية؛ والحرية أنما حظيت بهذا السقف ؛ لأن وسيلة الحصول أو المحافظة عليها قد عدت من أرقى العبادات في سلم الشعائر الإسلامية وأعلاها منزلة " وهو الجهاد؛ فإذا كانت /الصلاة/ عمود الإسلام؛ فإن ذروة سنامه /الجهاد/؛ وهذا ما يفهم من قوله -صلى الله عليه وسلم- "رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد"؛ والجهاد ما فرض إلا لأجل الحرية؛ ولما كان في الجهاد يحصل سفك للدماء وبتر للأعضاء؛ فإن هذا يعني أن سقف حرية الإنسان أعلى قيمة من سقف دمه؛ فهذا الأخير مرتبط بجسد الإنسان أو /حياته المادية/، في حين أن الحرية مرتبطة بروحه أو /حياته المعنوية/ وهي الأهم.. ومثل الإنسان القيمة الوطن القيمة الذي لا نقرأه في اتساع رقعته وعلو بنيته بل في امتلاك عزته وسيادته. هذه هي حقيقة الإنسان والوطن لا يضاهيها ثمن؛ الأول نقرأه في امتلاك حريته والثاني في امتلاك سيادته.

وثورة مصر التحرير 25 يناير قد حصل فيها الإنسان الفرد على حريته والوطن على سيادته؛ وتحرر الأول من الاستبداد الداخلي، والثاني من التبعية الخارجية، وهذه أعلى ثمرة حصلت عليها مصر بعد ثورة 25..

والثورة التي وهبت الإنسان حريته والوطن سيادته لم تروَ بالماء إنما بالدماء وتطاير الأعضاء فهناك من فارق حياته المادية ليحيا أخوه حرا ووطنه سيدا، وهناك من قعد معاقا يفترش الأرض ويلتحف السماء لينهض الوطن ويسرع نحو البناء بل ويطير في العلياء؛؛ هكذا كان شأن ثورة مصر التحرير قد أحسنت النسج والغزل وأظهرت مصر في أبهى حلة؛ لكن ما لبث التآمر أن جاءنا بمصر التشطير في التحرير ورابعة ففاجأت المتابعين وجعلتهم في صورة ما يشبه /العجيبة السابعة/؛ حيث بدت لنا مصر -التحرير بعد قرار الجيش -الذي همش الديمقراطية لست مرات فجعل شرعيتها وراء ظهره - وأظهر مصر للجميع في صورة تلك التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا؛ فتقطعت تلك الحلة الجديدة البهيجة وتبعثر نسيجها المحكم المتعدد الألوان ليصبح كل لون في جهة مشوها ومقبحا بهجة الحلة وقد كان التقاء تلك الألوان يجلب السرور ويزيل الأحزان؛ لكن عندما نُقض الغزل تَسيد الجور وغاب العدل، واستطاع العسكر العود من جديد و بعد عهد مديد سوف يذيقون الشعبين ما يشبه بأس الحديد؛ وتعود مصر للتبعية المذلة وتظهر الإسرائيلي في صورة ذلك المبتهج السعيد.

وحينها يمتلك المتابع الإندهاش عندما يأت انقلاب يصادر أو يفرغ الوطن من شرعيته ومؤسساته وسيادته، والإنسان من أهم معانيه؛؛ الحرية ، يعبث بالقيم وفي الوقت نفسه يتحدث عن أهمية الدم للإنسان وأنه لا بد أن يصان؛ ويتحدث عن الوطن بنيته وقد باع بمثل ذلك انقلاب سيادته،، عجيب عندما ترى من يقرأ الوطن في سلامة وسرعة القطار؛؛ ولا يكترث لضياع أو اعتلال سيادة القرار، إن الذي لا يقرأ في الإنسان إلا جسده ولا يقرأ في الوطن إلا مساحته أو بنيته فإنه لا يفهم القيم وهذا يسهل عليه البيع والشراء لأنه يرى المجسدات ولا يبصر المجردات فمن أين له أن يؤمن ويقدس شيأً لا يفهمه فكيف له أن يعظمه!! ..

ومن هنا فهمنا لمَ لمْ يهتم الجيش لدلالة /شعب الشرعية/؛ وانحاز ببيانه إلى /شعب الشوارعية/ الذي لفظته حضارة الديمقراطية .. ولا أبالغ إذا ما اتهمت أمريكا سيدة جمال الديمقراطية بأنها قد أعدت "ديمقراطية ثورات الربيع العربي" ضمن آليات ما يسمى الإرهاب وقد نال مثل هذه ديمقراطيات تفرز الإسلاميين كل اللعان والشتائم والسباب؛ لهذا أي شرعية إسلامية تنتجها مثل هذه ديمقراطية هي ليس ثمة شك إرهابية ينبغي خلعها سريعا وبالإنقلاب وله تُهيأ الأسباب وتذلل الصعاب.. والانقلاب في مثل هذا سياق عند أمريكا لا يعاب بل هو عين الصواب ومدحه هو فصل الخطاب