حقيقة مرض الرئيس
بقلم/ منير الماوري
نشر منذ: 16 سنة و 9 أشهر و 13 يوماً
الأربعاء 06 فبراير-شباط 2008 12:49 م

خلال أقل من شهرين توجه الرئيس علي عبدالله صالح مرتين إلى الخارج لإجرا فحوصات طبية " وصفها الإعلام الرسمي بأنها "اعتيادية"، وعقب عودته يوم الجمعة الماضي من زيارة رسمية لكل من اسبانيا وبلجيكا، توجه إلى مستشفى يمني لإجراء فحوصات "اعتيادية" أيضا.

الإعلام الرسمي بث خبر الفحوصات العادية استباقا لأي تأويلات أخرى قد تنجم من تسرب خبر وجود الرئيس في المستشفى، ولكن نشر الخبر في موقع صحيفة الجيش ضاعف شكوك اليمنيين في حقيقة صحة رئيسهم.

ومن حق الناس أن يتشككوا لأنه لا يوجد رئيس عاقل بالغ قادر يمكن أن يعود من أوروبا لإجراء فحوصات طبية في مستشفى من مستشفيات راصع، إلا إذا كان الأمر يتعلق بأمر مستعجل، أو حالة صحية طارئة. وبعد أن سمعنا من التلفزيون الرسمي أن الرئيس وجه الحكومة بسرعة اعتماد مبلغ مليار ريال لإعادة تأهيل وتجهيز مستشفى بن سيناء بالمكلا بمحافظة حضرموت، أدركنا أن الرئيس تم نقله أولا إلى ذلك المستشفى، وربما أنه رأى بنفسه عدم وجود تجهيزات حتى لفحص الدم فغادر إلى صنعاء غاضبا ومدركا لحقيقة المأساة التي يمكن أن يواجهها المواطن اليمني الذي لا يملك طائرة خاصة تنقله إلى ألمانيا في أي لحظة يشاء.

التوجيه الصادر من رئيس الجمهورية إلى رئيس الوزراء ووزير الصحة العامة والسكان بأن يكون تأهيل مستشفى ابن سينا " كاملا وشاملا وبصورة تامة وعاجلة ، لكل ما يحتاجه المستشفى من أجهزة ومعدات طبية وفنية" يجعلنا أيضا ندرك أن الدولة التي تدار بالتوجيهات لا يمكن بناؤها، وكان على الرئيس أن يعزل وزير الصحة أولا، قبل أن يتبرع بمليار ريال من خارج الميزانية وخارج الخطط التنموية التي تعد أيضا بالتوجيهات المزاجية. ولكن هذا الأمر يجعلنا ندرك أيضا أن النظام في اليمن هو العليل وليس الرئيس.

وإذا كان الرئيس قد دخل مستشفى ابن سيناء بالصدفة فماذا سيفعل لو زار مستشفى رداع، هل سيأمر بمئة مليار ريال لإصلاحه؟! أم أنه مازال ينظر لسكان رداع بأنهم عملاء للمخابرات المصرية، لا يستحقون الحياة. وحتى إن أراد الرئيس إصلاح الأوضاع، فمن أين سيأتي بمليارات الريالات لعلاج مستشفيات اليمن العليلة، بعد أن وزع ثروة البلاد على شراء الذمم في الشمال والجنوب؟!

والشئ المزعج حقا هو أن مستشفيات اليمن لا تعرف حقيقة مرض الرئيس، ولكن هناك جهات خارجية تعرف حقيقة المرض بشكل دقيق، وبالذات الأجهزة الاستخبارية الدولية التي لا بد أنها بدأت تعد العدة للخليفة بمجرد اكمالها ترجمة الملف الصحي للرئيس اليمني من اللغة الألمانية إلى اللغة الإنجليزية، لتسهيل مهمة المحللين الاستخباريين.

وباختصار شديد فإن الشعب اليمني لا يعرف ولا يمكن أن يعرف ما هي حقيقة مرض الرئيس ولكن أطباء البحرية الأميركية ، ومستشفيات ألمانيا، ومؤسسات صنع القرار في دول التحالف الغربي تعرف الحقيقة بكل تأكيد أكثر مما يعرفها طبيب الرئيس الخاص محمد السياني لأن الرئيس يجري فحوصاته في أمريكا وألمانيا ، وله ملف في مستشفى جامعة جورج واشنطن الذي اسعف إليه أثناء زيارته لواشنطن، ولم يسعف إلى جامعة الإيمان لتلقي العلاج على يد الشيخ الزنداني.

كاتب هذا العمود هو من بين ملايين اليمنيين الذين لا يعرفون إن كان الرئيس يعاني من علة مزمنة أم لا لأن الملفات الشخصية للمرضى في مستشفيات ألمانيا وأمريكا، ليست متاحة لنا كما هي متاحة لأجهزة الاستخبارات الغربية، وليست منشورة في محرك جوجل للبحث عبر الانترنت، ولكن الشئ المتاح لنا معرفته معرفة أكيده هو أن اليمن تعاني من مرض خبيث لا بد من استئصاله وهو سرطان الفساد الذي انتشر في كل أوصال النظام القائم حاليا، وبدون استئصال الفساد سيظل اليمن مريضا بئيسا، مهما تعافى حكامه.

 

* نقلا عن اصحيفة لمصدر