لجنة الاغتيال ومدفن عميد الشهداء
بقلم/ خالد زوبل
نشر منذ: 10 سنوات و 4 أشهر
الثلاثاء 22 يوليو-تموز 2014 06:25 م

يحتار المرء في الوصف الذي يجب أن يكيله للقيادة السياسية في اليمن والنخبة منه، حين تترك ذراع من أذرعة الجيش يلاقي حتفه في عملية غامضة دفنت مع مقتل قائده الشهيد اللواء حميد القشيبي ، في لجنة اغتيال أقرب ما يمكن أن تستحقه في الاسم لا لجنة رئاسية من الهادئ المحترم هادي !

وما يؤيد هذا عدم تأمين اللواء حسب بنود الوساطة المقترحة على أقل الأحوال، ثم الغدر به والنهاية المجهولة التي تعرض لها والتكتيم الإعلامي الشديد ، الذي كان من المُفترض أن تظهر للناس أعمال هذه اللجنة المحترمة!

وبعد هذا تبّرئ نفسها بإلصاق التهمة بالحوثي ( بالموساد ) كمن يعرّف المعرّف بجرائمه وفي أيديه آثار الدم لدفن القضية ، تماماً كقصة الضاحي خلفان في اغتيال المبحوح وإلصاق التهمة بالموساد ... وكلاهمُ ... هو .. هو !! الآمرُ والمباشر كما يقول الفقهاء : فهما في الوزر سواء !

وبعد هذا لا يتم أي تحقيق رئاسي في تفاصيل العملية ولا بنعي قائد اللواء أو أفراده وكأنهم نعاج قضوا على قارعة الطريق ! سوى بيانات هزيلة : صنعاء خط أحمر ... وربما القادم ستبقى سراويلات الشعب هي الخطوط الحمراء ... ومن يدري !

فالمتوقع بعده كان إقالة وزير الدفاع والتصعيد ضد جماعة الحوثي المتوسعة على جماجم اليمنين ، لا إقالة المقدشي والصوملي ومن لا حُسبان لهم في القضية .. في تغييرات عسكرية غريبة مُريبة .... ونزع صلاحيات وزير الداخلية الناجح عبده الترب ضمنياً وإيكال مهامه بالكامل إلى نائبه تمهيداً ربما لإقالته ونشر الفوضى في العاصمة ..

كل هذا يدعو للشكوك في وهم الخطوط الحمراء ، وعدم وجود أي نية وإرادة سياسية واضحة للتصدي لإرهاب الحوثي بضغط أمريكي ناعم لتسليم الحوثي إقليم آزال بالقوة بعد التقارب الأمريكي الإيراني الأخير، وجارة خليجية بلهاء في حدودها شيعة نجران وكأن الأمر لا يعنيهم مع أنهم المتضررين الأكبر !

والإعلام الرئاسي في هذا شريكٌ في الجريمة كالإعلام الحزبي لبعض أحزاب اللقاء المشترك كالناصري والاشتراكي ، حين يصمت عن قضية كهذه ولا يحقق فيها ولا يندد ويرعد ، بل إذا نطق : ساوى في أحسن أحواله بين الضحية والجلّاد ، وأنها حرب بين فصيلين متصارعين لزعزعة أمن الدولة ! وكل هذا أفشل الإصلاح حتى في انتزاع بيان من رفاقه في المشترك لإدانة تفجير مقراته ومباني محافظة عمران ، حين بيعت المبادئ في أسواق السلاح !

إن العنف لا يولّد إلا العنف ، والدواحش الحوثية والرئاسية والصالحية ستجبر الأسود على الزئير والمبايعة على الموت حينها ، وستأتي بعد ذلك أمريكا ورضيعتها يهرولون بيدهم قوائم الإرهاب لإدراج الضحية عندما تجبرها اللادولة على حمل سلاحها ، ولن تأتي قبل ذلك ولو عاد اللبن في الضرع، وفي سوريا والعراق أمثلة لمن يعتبر.

والقتلة سيدفنون #عميد_الشهداء القشيبي رحمة الله عليه ورضوانه، وسيدفنون معه الرجولة والقضية معاً .. وسيدفنون نخوة رجل الأمن وشهامته في أخبث مهمة من قتل القتيل والسير في نجازته بدموع التماسيح .. إنما لن يستطيعوا دفن احلامنا وطموحاتنا ... ولن يستطيعوا دفن عمقنا السنّي وحبنا لسعد ومعاذ وعمر ، ولن يستطيعوا إعادتنا لعصور تقبيل الركب ، و دفن اليمن الديمقراطي السعيد الذي ننتظره ..

نغتلي … نبكي … على من سقطوا *** إنما نمضي لإتمام المجال

دمنا يهمي على أوتارنا *** ونغنّي للأماني بانفعال

مُرّةٌ أحزاننا … لكنها  *** يا عذاب الصبر ـ أحزان الرجال

نبلّع الأحجار … ندمى إنما ***  نعزف الأشواق … تشدو للجمال

ندفن الأحباب … نأسى إنما ***  نتحدى … نحتذي وجه المحال

مذّ بدأنا الشوط .. جوهرنا الحصى *** بالدم الغالي وفردسّنا الرمال

وإلى أين … ؟ غرفنا المبتدى *** والمسافات ـ كما ندري ـ طوال

(البردوني)