بين خيار الشعب وخيارات النظام.. اليمن على أعتاب مرحلة جديدة.
بقلم/ عبد الرزاق الجمل
نشر منذ: 13 سنة و شهر و 4 أيام
الإثنين 14 مارس - آذار 2011 07:07 م

بقدر تمسك الرئيس صالح بالسلطة، يتمسك شباب الثورة بمطالبهم الداعية إلى رحيل الرئيس وإسقاط نظام حكمه، والعملية تشبه "عض الأصابع بين الشعب والنظام، فمن سيصرخ أولا" كما قال وتساءل مراسل الجزيرة في اليمن أحمد زيدان.

وعلى الرغم من حالة الهلع التي أصابت النظام اليمني، والأنظمة في الوطن العربي بشكل عام، بعد سقوط نظامي زين العابدين بن علي وحسني مبارك، وقرب سقوط نظام ملك ملوك أفريقيا العقيد معمر القذافي، إلا أن فرضية تجاوز الأزمة تبقي الرئيس صالح قيد المناورة، وهو ما يشير إليه صالح في معظم خطاباته الأخيرة، حين يؤكد على اختلاف اليمن عن تونس ومصر وباقي بلدان العالم العربي.

على أن محاولة تجاوز الأزمة في ظل تساقط المؤتمر الشعبي العام يوما بعد آخر، من خلال الاستقالات التي قدمها ويقدمها أعضاء بارزون فيه، تبدو في غاية الصعوبة، وإن حاول النظام أن يُظهر عدم تأثره بذلك.

كما أن تصاعد وتيرة التأييد لشباب التغيير، سواء من خلال الاستقالات التي يعلنها أعضاء بارزون في الحزب الحاكم، أو من خلال انضمام بعض الجنود إليهم، إضافة إلى موقف القبائل الذي لم يكن متوقعا، كل ذلك يعطي الشباب أملا كبيرا بإمكانية تحقق مطالبهم المشروعة، كما يزيدهم حماسا وإصرارا.

وبين إصرار الشباب على إسقاط النظام الحاكم، واستماتة النظام في أن يبقى أو يسقط بالطريقة التي يريدها ويختارها هو، تبدو اليمن على أعتاب مرحلة جديدة أو في انتظار مولود جديد لم يتضح نوعه بعد.

وبطبيعة الحال فإن المرحلة الجديدة ستتوقف، من حيث الشكل والمضمون، على نوع الخيارات التي سيواجه بها الرئيس صالح ثورة الشباب، والشباب لا يؤمنون بغير خيار "إسقاط النظام" وهو الخيار المستبعد بالنسبة للرئيس، في هذه الفترة على الأقل.

لهذا السبب قد لا تبدو ملامح المستقبل واضحة، لكن أي مستقبل يغيب عنه هذا النظام سيكون أفضل، من وجهة نظر الكثيرين، على اعتبار أن النظام الحاكم كان وراء كل الأزمات التي عصفت بهذا البلد في شماله وجنوبه وفي شرقه وغربه.

تجدر الإشارة هنا إلى أن خيار قمع المتظاهرين وإرهابهم أمنيا وبلطجيا، لم ينجح، بل انعكس بشكل شديد السلبية على النظام حين أعلن عدد من أعضاء الحزب الحاكم استقالتهم من الحزب بسبب هذا القمع، وحين أعلنت عدد من القبائل اليمنية أنها ستوفر الحماية اللازمة للمتظاهرين السلميين إن استمر النظام في إنزال البلاطجة لقمع المتظاهرين.

كما أن خيار إخراج متظاهرين يؤيدون الرئيس لغرض نزع صفة "المطلب الشعبي" عن الدعوات الشبابية إلى تنحيه، لم ينجح هو الآخر، رغم أنه الخيار الذي سيستمر حتى في ظل إعمال خيارات أخرى، للمحافظة على الشرعية الشعبية.

وعلى الرغم من أن خيار الدين كان ينقذ الرئيس صالح في مثل هذه الأزمات، إلا أن كثيرا من العلماء البارزين اتخذوا مواقف مغايرة تصب في صالح الثورة الشبابية، متأثرين، ربما، بموقف الشيخ يوسف القرضاوي وبعض علماء الأزهر من الثورة الشعبية في مصر، وكذا اقتناعهم بمشروعية مطالب الشباب، وكان تأييد الشيخ عبد المجيد الزنداني لثورة الشباب بمثابة الإعلان عن عدم قابلية خيار الدين للتطويع، أي أن معظم الأوراق التي كانت ترجح كفة صالح، في وقت سابق، لم تعد كذلك اليوم.. ومع تساقط أوراق صالح واحدة تلو الأخرى، وكذا تساقط حزبه، يبدو أن أمر السقوط بات وشيكا.

لكن يبدو أن الضغط الشعبي لم يصل بعد إلى المستوى الذي يجعل النظام يتعامل مع المطالب الشعبية الشبابية ومع خياراته هو بجدية أكبر، كما أن الضعف الرسمي لم يصل بعد إلى المستوى الذي يجبر النظام على تقديم تنازلات يرى أنها تناسب حجم المطالب، إلا أن هذا الضغط وذاك الضعف في تزايد مستمر.

وإلى أن يصل الضغط الشعبي والضعف الرسمي إلى المستوى المطلوب، سنتساءل: ما الذي قد يفعله هذا النظام، وما الذي يجب عليه فعله، وما هي النتائج التي ستترتب على ما يمكن وما يجب فعله؟.

في ضوء اتساع الثورة الشعبية السلمية، وتزايد استقالات القيادات والكوادر من المؤتمر، هل مازال الرئيس يعتقد أن ما يحدث في اليمن مجرد سحابة صيف عابرة، وأنه سيظل هو وأسرته ممسكين بزمام السلطة في اليمن؟

ومع إصرار الرئيس على عدم التنحي، هل سيلجأ الشعب إلى العصيان المدني، وهل سيلجأ الرئيس إلى استخدام الجيش والأجهزة الأمنية المختلفة لإنهاء الاعتصامات وتفريق المتظاهرين وممارسة الاعتقالات في صفوفهم، أم ماذا؟

أيضا.. ما مدى تأثير أقرباء الرئيس وأنسابه على موافقة الرئيس على التنحي أو عدمها؟.. إلى جانب أقربائه وأنسابه، ما هي أبرز مراكز القوى التي يمكن أن تحرض على بقاء الرئيس في منصبه؟.

وإلى أي مدى يمكن أن تؤثر تطورات الأحداث في ليبيا ومصير القذافي على قراءة الرئيس للثورة السلمية في اليمن؟

هل لجأ إلى الرئيس نفس أساليب زملائه.. بن علي ـ مبارك ـ القذافي؟

الماوري: لن ينجو إلا القربي

بخصوص نظرة الرئيس للأحداث يرى الكاتب الصحافي والمحلل السياسي منير الماوري "أن لا أهمية لما يعتقد الرئيس، بل الأهم هو ما يعتقد الشباب الثائر فيه، حد قوله، وأنهم متى ما حصنوا أنفسهم ضد أكاذيب قيادة النظام فسيضعون حدا سريعا لسلطته، وسيبدؤون عهدا جديدا من الصدق والشفافية، وكلما زاد إيمان شباب التغيير بقدرتهم على الإطاحة بعهد الكذب والمؤامرات والقمع والتخلف، فإن أيام النظام الفاسد ستصبح معدودة.

ويضيف الماوري: " أما إذا أردت أن تعرف ماذا يعتقد صالح فعليك أن تستمع إلى خطاباته وتصريحاته. فإذا ما عكست معانيها سوف تتوصل إلى الحقيقة التي يخفيها، فهو دوما يقول عكس ما يعتقد، بكل بساطة وبدون أدنى خجل. ولا أظن أنه قد تفوه بكلمة صدق يوما في حياته. إنه معجون بالأكاذيب ومدمن عليها، لدرجة أنه إن لم يجد من يكذب عليه يلجأ للكذب على نفسه. ولهذا فإن الأزمة الحالية التي ستطيح به ليست مجرد حصاد لأكاذيبه المستمرة على شعبه طوال 33 سنة، بل ناجمة أيضا عن وقوعه هو الآخر في شرك كذبه على نفسه.. فمن الأكاذيب التي صدقها أنه رئيس دولة فأثبتت الأيام أنه رئيس عصابة. وكذب على نفسه أنه بطل الوحدة، وإذا به يمزق شعبه أوصالا. وكذب على نفسه أنه حامي الجمهورية فإذا به قد أعاد لنا النظام الأسري الوراثي البغيض في أقرف صوره. وكذب على نفسه أنه باني جيش الوطن، فإذا به قد حول جيشه إلى حراسة خاصة له ولأسرته. وكذب على نفسه أنه قائد أعلى للقوات المسلحة، فإذا به يتحول إلى مجرد ملحق عسكري أجنبي يقاتل شعبه في صعدة والجنوب، مقابل أرخص الأثمان. وكذب على نفسه أنه فاز في الانتخابات، وهو يعرف أنه أعلن النتائج قبل الفرز. وكذب على نفسه أنه يحتكم إلى صندوق الاقتراع، فإذا به يلجأ إلى صناديق الزلط. وكذب على نفسه أنه استخرج لشعبه البترول فاتضح أن البترول من بئر علي إلى جيب علي. وكذب على نفسه أنه سيظل وأسرته ممسكين بزمام السلطة في اليمن، إلى الأبد، فاتضح له أن الشعب لم يعد يطيق سماع أي أكاذيب جديدة من أكاذيبه، ومع ذلك فهو يكذب ويكذب يكذب، وسوف يستمر يتنفس الكذب إلى أن يتوقف نفسه.

وبالنسبة لخيارات الشعب والنظام القادمة، يرى الماوري أن العصيان المدني لن يؤدي إلى إسقاط النظام، بل سيؤدي إلى إضعاف النظام المقبل، وأن الأسلوب الأمثل هو الزحف على دار الرئاسة، والاستيلاء على مخابئ الذهب والدولارات واليورات قبل أن تهرب بها قيادة النظام. أما الرئيس فسيحاول حسب عادته المتأصلة فيه، تمييع القضية ومد أمد الأزمة أطول مدة ممكنة، اعتقادا منه أن الشباب سوف يشعرون بالإرهاق ويعودون إلى منازلهم، كما سيلجأ إلى تشكيكهم في المشترك وتشكيك المشترك في بعضهم. وسوف يستخدم الأجهزة الأمنية في بث الشائعات والأكاذيب وبث الرعب في قلوب معارضيه في الداخل والخارج. ولكنه لن يستخدم الجيش إلا في اللحظات الأخيرة لأنه مدرك أن القادة الميدانيين لن يفذوا أوامر أقاربه العسكريين، ولن يخسروا أرواحهم في سبيل شلة فاسدة. وهناك كتائب محدودة في الحرس الجمهوري سوف يحتمي الرئيس بها، ولكنه في النهاية سيضحي بأقاربه وأصهاره وأولاده في سبيل النفاذ بجلده، لأنه لا يهمه إلا نفسه. وسوف يمنع كبار معاونيه من السفر خارج البلاد أو حتى حارج العاصمة عندما يشعر بأن الساعة قد حانت في حين أن طائرته ستظل جاهزة لنقله وحيدا مع خف حمله وغلى ثمنه، وسيتجه إلى وجهة غير معلومة، متلذذا بسماع ما سيحدث لأعوانه وأقاربه من بعده.

أما ما يتعلق بضغط الأقارب، فيشير الماوري إلى معلومة مهمة، وهي أن "الوحيد من أقارب الرئيس الذي يجرؤ على مواجهته بالحقائق هو ابن أخيه يحي محمد عبدالله صالح، فقد تواترت أنباء شبه مؤكدة أنه توجه إلى عمه الرئيس بعد ظهور مطالبات بإقالة أقارب الرئيس من المناصب العسكرية العليا، لإثبات صدقه في رفض توريث الحكم. وقيل لي أن يحي محمد طلب من الرئيس أن يقيلهم جميعا وهو أولهم، مضيفا أنه مستعد لتقديم استقالته ولكنه يفضل أن يقيله الرئيس لا أن يستقيل لأن الإقالة سوف تحسب للرئيس في حين أن الاستقالة قد يفسرها الخارج ضد الرئيس.

ويضيف الماوري أنه وبحسب الرواية التي تداولها الكثيرون " فإن الرئيس أجاب ابنه أخيه قائلا: أنا لم أعينكم في هذه المناصب المهمة إلا من أجل يوم مثل هذا، وعليكم أن تصمدوا في مواقعكم ولا تهربوا "مثل الجبناء". وبعد هذه الجلسة أوعز يحي إلى أحد أصدقائه الذي يعمل بوظيفة وزير سياحة أن يقدم اقتراحا بعزل الرئيس عن طريق انتخابات رئاسية مبكرة لا يرشح الرئيس نفسه فيها، ولكن حتى هذا الاقتراح فات أوانه لأن شباب التغيير لا يريدون أن تجري أي انتخابات رئاسية أو برلمانية في ظل هذا الرئيس، لأن نتائجها معروفة سلفا، ولن يتراجعوا عن مطلبهم الوحيد وهو رحيل هذا الرجل، وبعد ذلك يمكن إجراء انتخابات نزيهة، ويمكن التعامل مع بقية أفراد العصابة، بأساليب قانونية عادلة".

ويوضح: "هذه الأزمة لابد لها من ضحية كي يمكن حلها قبل أن تعصف بالرئيس مع جميع مراكز القوى. وأستطيع أن أؤكد لك من خلال تواصلي مع كثير من الشباب الثائر في الميدان، سواء في صنعاء أو تعز أو عدن أو الحديدة، أن هؤلاء الثوار لن يعدوا إلى منازلهم ليصبحوا هم الضحايا في وقت لاحق. كما أحب أن أؤكد لك أن المجتمع الدولي لن يقبل أن يكون الوطن اليمني هو الضحية، لأن دمار اليمن يشكل خطرا على الجميع. ولهذا يبقى لدينا ضحية من ضحيتين، إما أن يكون الرئيس هو الضحية، وإما أن تكون مراكز القوى بمختلف ألوانها وأطيافها هي الضحية. وبتعبير آخر فنحن الآن أمام احتمالين، إما أن يضحي الرئيس بمراكز القوى ليخرج معززا مكرما، وإما أن تضحي مراكز القوى بالرئيس كي تحافظ على ما تستطيع من مصالحها. وفي تقديري الشخصي أن الرئيس هو أذكي شخص فيهم، ولن يسمح لأحد من أقاربه أو أعوانه بالهرب أو تهريب أي شيئ، أو إنقاذ نفسه بأي طريقة، بل سيتركهم يموتون دفاعا عن نظام انتهت صلاحيته. أو يتعرضون لمحاكمات قاسية. وقد يختفي الرئيس عن الأنظار مصطحبا معه جهاز تلفزيون لمشاهدة الجزيرة وهي تنقل وقائع محاكمة رجال النظام الفاسد. ولن ينجو من المساءلة في الداخل سوى وزير الخارجية أبو بكر القربي الذي سيكون في مهمة خارجية أثناء زحف الثورة باتجاه أوكار الفاسدين. أما اللوزي ومحمد شاهر والبركاني والإرياني، وغيرهم فجهز نفسك لتغطية وقائع محاكماتهم، وعليك أن تنقل أقوالهم بأمانة أثناء مثلوهم أمام القضاة من على منصة المتهمين، وستجد أن كل فرد فيهم سيحمل الرئيس المسؤولية عن كل صغيرة وكبيرة وأنهم مجرد عبيد مأمورين، وستقود كل خيوط الفساد إلى شخص الرئيس بعد أن يكون قد ابتعد عن الخطر وترك رجاله يواجهون مصيرهم المحتوم.

وبخصوص تأثير التطورات في ليبيا على المشهد في اليمن يقول الماوري "الرئيس أعلنها صراحة بأنه سيقاتل حتى آخر قطرة دم (من دماء الحرس الجمهوري).

تأثير الأقارب وتجربة القذافي

ويتفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور عبد الله الفقيه مع الماوري في أن الرئيس يدرك حقيقة الأزمة، مؤكدا ذلك بقوله: "هناك دلائل على أن الرئيس يدرك عمق الأزمة ويعرف جيدا أن المسألة اكبر بكثير من كونها خلاف شخصي بينه وبين حميد الأحمر كما كان يعتقد في البداية لكن الرئيس ربما لم يدرك بعد أن حكمه انتهى وانه يخوض معركة خاسرة أو انه يقول لنفسه لعل وعسى أو ربما أن حجم ما سيفقده هو الذي يجعله ينكر ما هو حق لشعبه وما هو سنة من سنن الله في الخلق.

لكنه يختلف معه في مسألة استخدام الرئيس لخيار الجيش حتى في اللحظات الأخيرة، لأنه "لن يغامر في الدخول إلى التاريخ كقاتل لشعبه، واعتقد أن الرئيس سيتعلم مما يحدث حوله وسيستمع في النهاية لصيحات شعبه وان كابر لبعض الوقت" حد تعبيره، كما يرى الفقيه أن لجوء الشعب إلى خيار العصيان المدني وارد.

وبخصوص تأثير الأقارب على قرارات الرئيس يرى الفقيه أنَّ "هناك من أقارب الرئيس من يدركون خطورة الوضع وأن الأمر قضي ولا اعتقد انه في مصلحتهم أن تتطور الأمور أكثر مما هي عليه الآن لكن المشكلة هي أن لا احد من أقارب الرئيس يتجرأ على مخالفة أوامره أو مكاشفته بحقيقة الوضع وبالنسبة لمراكز القوى فتبدو كلها مستفيدة من رحيله، واعتقد أن التأثير على الرئيس ربما يأتي من جهات لا تفقه شيئا لا في السياسة ولا في غير السياسة وهي تنظر إلى ما يحدث على انه مدخل للتكسب".

وعلى الرغم من أن الدكتور الفقيه أشار في إجابة على السؤال السابق إلى أن الرئيس قد يتعلم مما يحدث حوله إلا أنه في إجابته على السؤال المتعلق بتأثير التطورات في ليبيا على المشهد اليمني يؤكد على أن "ما لم يتعلمه الرئيس حتى الآن لن يتعلمه قط.. ويضيف: اعتقد أن الرئيس قد تعلم كل شيء ويعرف النهاية الحتمية هكذا تقول تعابير وجهه لكنه يعاند ويكابر، هو بالتأكيد يعرف أن بقاءه في السلطة بعد كل الذي حدث أصبح مستحيلا ويأمل الكثيرون أن يرحل الرئيس بطريقة مشرفة تجنب اليمن المزيد من المشاكل وتجنبه وأسرته المآل الذي لا يريده لهم احد، وكلما أسرع الرئيس في اتخاذ القرار المناسب كما زاد ذلك في رصيده والعكس صحيح.

وتذهب الكاتبة الصحافية منى صفوان إلى ما ذهب إليه الماوري والفقيه بخصوص إدراك الرئيس لحقيقة الأزمة: "بحسب قراءتي لردود فعله منذ تنحي حسني مبارك و اجتماعه للقيادة الأمنية في البلد بذات ليلة التنحي أي قبل اندلاع الثورة الشعبية بهذا الشكل و قبل الإعلان الاعتصامات المفتوحة في أرجاء اليمن فان تصرفه هذا يدل انه كان متوقع لرد الفعل الشعبي الكبير و يعرف هو قبل غيره أن الثورة لو نجحت في مصر فهي قادمة لليمن لانتزاعه، لذا كل ما يقوم به هو محاولة لكسب الوقت و مراهنة على المستحيل و ليفرض قوة يمكن فيما بعد التفاوض بشأنها لتامين رحيل آمن له. يعني هو يقاوم ليقول انه قوي و حتى لا يستسلم بسهولة.

وبشأن تأثير الأقارب على خياراته إزاء المطلب الشعبي بالرحيل تقول صفوان: " قبل الثورة الشعبية كان لهم مصلحة في بقائه لكن الآن هؤلاء متضررون من بقائه وهم أول من سيعلن الفرار و التخلي عنه، كما فعل القاضي باستقالته ويحيى محمد صالح الذي هرب ابنه كلاجئ سياسي خارج البلاد، و قد بدؤوا بتهريب أموالهم و هم سيتركونه و حده و هو يصارع الآن لأنه يدافع عن حياته و ماله و تاريخه وماء وجهه.

لكنها تؤكد على تأثير التطورات في ليبيا على المشهد اليمني بقولها: "الرئيس ينتظر نتيجة تجربه القذافي الذي يقدم أسوأ تجربة دمويه لقمع الثورة، فلو نحج القذافي، وهذا لن يحدث، فإن الرئيس سيستخدم ذات العصا، لكن القذافي الذي انهزم وبدأ بالتفاوض لرحيل آمن، عجل بانهيار نظام علي صالح الذي سيعني ذلك أن يفقد أعصابه و قد يبدأ بعمليات انتقاميه ضد الشعب و رموزه وهذا سيعني انه سيسرع بنهايته و سيجعلها نهاية مخزية له.

وعلى ضوء ما تقدم أعتقد أن هناك إجماعا على ضرورة التجاوب الجاد والفاعل مع المطالب الشعبية حتى لا يتكرر سيناريو دموي آخر هنا، لأن كل الطرق تؤدي إلى مطالب الشعب، ولا مفر من ذلك طال الزمن أم قصر.