آخر الاخبار

وزارة الداخلية تكشف عن احصائيات الحوادث غير الجنائية في المناطق المحررة صحفي يطالب الحوثيين بتسليم طفله المخفي قسراً منذ عشرة أشهر. عاجل : اتفاق سعودي أمريكي في المجال النووي .. وواشنطن تسعى للملمة المنطقة المضطربة بعد انفرط عقد الأمور أردوغان يعلن عن تحرك يهدف لإجبار إسرائيل على وقف عدوانها على غزة اليمن.. طوفان بشري في مدينة تعز تضامنا مع غزة وحراك الجامعات الأمريكية 41 منظمة إقليمية ومحلية تطالب بوقف الانتهاكات ضد الصحفيين في اليمن .. تزامنا مع اليوم العالمي لحرية الصحافة نقابة الصحفيين اليمنيين: تكشف عن اثار مروعة للصحافة في اليمن ...توقف 165 وسيلة إعلام وحجب 200 موقع الكتروني واستشهاد 45 صحافيا بعد أقل من 48 ساعه من تهديدات ايرانية وحوثية للملكة .. السعودية تكشف عن تحركات عسكرية أمريكية بدأت من الظهران لمواجهة تهديدات أسلحة التدمير الشامل تركيا تعلن دخولها الحرب العقابية ضد إسرائيل .. وتوجه بتحركات ضاربة لتل أبيب الحوثيون يدشنون المرحلة الرابعة لإفشال السلام في اليمن عبر عمليات البحر الأبيض المتوسط

اوروبا وامريكا وسباسة الاحتواء مع اردوغان عبر الامارات
بقلم/ توفيق السامعي
نشر منذ: 10 أشهر و 15 يوماً
الأحد 18 يونيو-حزيران 2023 04:51 م

منذ وصول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الحكم في تركيا، والمحاولات الأوروبية الأمريكية لا تفتر عن الإطاحة بحكمه، سواء عبر الانقلابات العسكرية المباشرة، أو عبر دعم المعارضة في الانتخابات التركية.

لم تحقق هذه الدول أياً من أهدافها في الإطاحة بالرجل رغم الاحتشاد العالمي ضده بكل الوسائل، واستنفار كل وسائل الإعلام لمحاربته ودعم معارضيه. بقي طريق واحد فقط للتعامل معه، وهو طريق ناجع إلى حد ما تستخدمه الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا مع خصومها على الدوام إن هي لم ترد الدخول في مواجهات مباشرة.

هذا الطريق هو طريق الاحتواء، وهي سياسة مبتكرة ونظر لها جورج كينان أثناء الفترة الأخير من الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي. استوحى كينان هذه السياسة من النظرية الثورية في التقاليد القيصرية، واقترح احتواء هذا الضغط بـ"قوة مضادة".

فمفهوم الاحتواء الذي ما يزال ناجعاً برأيهم يطبقونه مع الدول والأنظمة التي لم يستطيعوا كسرها، كما هو الحال مع روسيا من قبل، أو إيران بعدها وإلى اليوم، ومؤخراً يستخدمونها مع تركيا والرئيس أردوغان. بعد سقوط الاتحاد السوفييتي عام 1990 كثفوا من استعمال هذه النظرية (الاحتواء)، ليخترعوا عدواً جديداً في مواجهته، وهو الإسلام. هو يرون أن أردوغان يمثل واحدة من أدوات الإسلام الحديث التي يجب أن تتوقف. عيون الغرب دوماً على الشرق الإسلامي، وعقولهم وأفكارهم دوماً لا تتجاوز حادثة حصار العثمانيين لفيينا، وهذا ما عكسته كثير من سياساتهم تجاه الشرق.

فوليام. س. ليند، الذي عمل من قبل مستشاراً لمرشح الرئاسة الأمريكي غاري هارت، كان يحذر دائماً من أن إشكالية الانهيار السوفييتي قد تنطوي على احتمال أن تقوم الجيوش الإسلامية بمحاصرة بوابات فيينا من جديد. وكان بيتر جينكز، المندوب البريطاني لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية يرى مشكلات العصر في ضوء صراع يعود الى ستة قرون ونصف، وأن رد الإسلام هو شغل أوروبا الشاغل منذ عام 1354 حين سقطت غاليبولي وحتى آخر مناسبة وقف فيها الأتراك على أبواب فيينا عام 1683، إنها من جديد الشغل الشاغل في وجه الثورة الإسلامية، كما يقول.

إنهم يرون هذه الصورة في سياسة الرئيس أردوغان، فهم يخشون من عملية إحياء الإمبراطورية العثمانية من جديد، فصورة حصار العثمانيين لفيينا لم تبارح مخيلتهم. لذلك، وبعد محاولات شتى للإطاحة بأردوغان من الحكم مرات عديدة عبر الانقلابات، ومرات عبر الانتخابات، هم يبادرون إلى سياسة الاحتواء المؤقتة معه، خاصة بعد فوزه مرة ثالثة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

تعتبر الإمارات العربية المتحدة بوابة خلفية للمشروع البريطاني في المنطقة، ولهذا نفذ الأوروبيون لأردوغان من هذا المنفذ، خاصة بعد الانتخابات الأخيرة. من المعلوم لدى الجميع أن محمد بن زايد أحد داعمي انقلاب 2016 على أردوغان، وحيث فشل الانقلاب، كانت المحاولة الأخيرة عبر دعم مرشح المعارضة كليشدار أوغلو، لكن مع فوز أردوغان سارع بن زايد لتهنئته على الفوز قبل الجميع، ولم يكتف بذلك بل كان أول رئيس عربي يجري لقاءً رسمياً مع أردوغان قبل أيام، وتوقيع اتفاقات استثمارية واقتصادية بعشرات مليارات الدولارات.

هذه الخطوة أثارت استغراب جميع المتابعين لسياسة الرجلين ولصداقتهما اللدودة، وليس كما يقال سياسياً لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة، بل مصالح متبادلة! هذه المصالح، وهذه الأموال التي دفعت كاستثمارات إماراتية في تركيا تندرج ضمن المشروع البريطاني/الأوروبي العام في سياسة الاحتواء التركي، فهي مقابل تكبيل أي مشروع تركي يتوجه نحو الجزيرة العربية، ويقطع الطريق على أي تحالف مع تركياً مستقبلاً؛ خاصة في الخليج واليمن والسودان.

من المعلوم أن الحضور الإماراتي في السودان كان على حساب الحضور التركي، والحضور التركي في الصومال أيضاً جاء على حساب الحضور الإماراتي، لكن وحتى لا يتمدد المشروع التركي نحو اليمن كمنطقة مرشحة لهذا الوجود، وحتى لا يكون على حساب الحضور الإماراتي القوي المتحكم في الجنوب والغرب كممثل للمشروع البريطاني الممسك بخيوط اللعبة السياسية في اليمن، تم تفعيل سياسة الاحتواء هذه بأموال كثيرة قد تكون أكثر مما ستجنيه تركيا من أي تدخل في المنطقة.

في الحقيقة هو ثمن بديل ومغرٍ لتركيا مقابل قطع الطريق عليها، خاصة إذا ما علمنا البرجماتية للرئيس التركي لتحقيق مصالح بلاده قبل كل شيء، وهو أيضاً سيخفف الضغط عليه في المواجهات السياسية المستمرة سواء على الأرض التركية أم خارجها. على الرغم من أن تركيا لا تستطيع أن تجازف بأي تدخل أو تمدد في اليمن التي باتت مسرحاً للقوى الدولية، إلا أن تصريحات أردوغان بين فترة وأخرى، أو التلميح لليمن يثير حساسية شديدة لدى تلك الدول، وهنا سيكون المحك الحقيقي لصدقية هذه العلاقات، إذا ما حاول أردوغان التمدد جنوباً في الجزيرة العربية.