العليان تقاسما غنيمة الوحدة وجناح «فك الارتباط» يعيش على توجيه الخلافات بعيدًا عن معاناة الجنوب

الخميس 02 أغسطس-آب 2012 الساعة 01 صباحاً / مأرب برس – خاص
عدد القراءات 12454
الرئيس اليمني السابق علي ناصر محمد
قال الرئيس اليمني السابق علي ناصر محمد إن الطرفين الموقعين على الوحدة اليمنية عام 1990 اعتبراها غنيمة أرادا تقاسمها من دون الاستناد إلى «الحوار والتمرحل والقراءة الاستراتيجية لمستقبل الوحدة», وهو ما أدى إلى «الحرب التي ندفع اليوم جميعًا ثمنها», مشيرًا إلى أنه دفع ثمن «الشروط غير الواعية» التي أصرت على خروجه من صنعاء إلى سوريا على الرغم من أنه كان أول من وقع على اتفاقيتها الأولى في القاهرة عام 1972, وانتقد من سماهم بـ«موجهي الخلافات» بين أوساط الجنوبيين بأنهم «يعيشون بعيدًا عن معاناة الشعب الذي يدفع يوميًا دمه وماله وعرقه وأمنه واستقراره ولا يقدمون له غير الكلام في الهواء».

وأضاف الرئيس ناصر في مقال له هو الأول من نوعه نشر في وسائل إعلام يمنية, ومنها «مأرب برس», أن الوحدة اليمنية تحولت «من هدف نبيل إلى صفقة خاسرة» وحضرت معها «الشروط غير الواعية»، وقال «كنت أحد من دفعوا ثمنها باتفاقهما (علي صالح وعلي البيض) على خروجي من الوطن إلى سورية، وقبلت ذلك من أجل التعجيل في تحقيقها على رغم أنني كنت أول من وقع على اتفاقيتها الأولى في القاهرة عام 1972، وإنجاز دستور دولة الوحدة، وقيام المجلس اليمني الأعلى، وإيقاف حروب المنطقة الوسطى، وغير ذلك على طريق الوحدة السلمية».

وكشف ناصر, الذي رأس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في المدة ما بين 1980 إلى 1986, أن اختلاف الرفاق في ثمانينيات القرن المنصرم الذي أدى إلى مأساة 13 يناير «لم يكن على السلطة كما يزعم بعض الذين لم يدركوا كنه مشكلتنا في الجنوب، بل كان على خيارات متباينة إزاء قضايا سياسية داخلية وخارجية، ومنها الوحدة التي ينشأ الصراع اليوم حولها بعد إعلانها بعقدين من الزمن إضافة إلى عوامل إقليمية ودولية. ولكن، على نحو مغاير للصراع حولها فيما سبق».

وقال في مقاله «قصتي مع الحوار والعبور إلى الفيدرالية وصرخة لاستنهاض اليمنيين»: «تحققت وحدة عام 1990 على طريقة الهروب إلى الأمام من كلا الطرفين. واليوم تحضر شواهد الهروب إلى الخلف، وليس الخلف الذي وراء ظهر وحدة 1990 بل إلى الخلف البعيد الذي خرج لتوه من أدغال التاريخ ليحدثنا عن الهوية والهوية المضادة، في عملية تغرد خارج سرب المعطيات الراهنة والقوانين المعاصرة والأحكام المتعارف عليها».

وعلي ناصر محمد يعد اليوم واحدًا من قيادات الحراك الجنوبي في دول الشتات ويرأس الجناح الجنوبي الذي يدعو إلى حل «الفيدرالية المشروطة أو المزمنة» مقابل جناح «فك ارتباط» الذي يتزعمه علي سالم البيض. وبشأن الجناح الأخير قال ناصر إنه يعيش على توجيه الخلافات بعيدًا عن معاناة الشعب الذي يدفع يوميًا دمه وماله وعرقه وأمنه واستقراره ولا يقدمون له غير الكلام في الهواء.

وفي حديثه عن أخطاء الماضي, قال ناصر «في الجنوب كان البعض مما يسمى ‘بالطغمة’ يشعر بنشوة النصر والحصول على السلطة والثروة ولا يريد أن يشاركه الطرف الآخر الذي خسر الحرب عام 1986، كما أن بعض القيادات المحسوبة على ما يسمى ‘بالزمرة’ ترفض الحوار والحل السياسي والمطالبة بالحسم العسكري. وعمليًا كانوا لا يريدون ذلك بعد أن حصلوا على امتيازات أكثر مما كانوا يحصلون عليه في الجنوب، وكان البعض الآخر في المعسكرات يتحدث بصدق عن ‘جحيم عدن ولا جنة صنعاء’، وينطبق ذلك على عدد من القيادات التي نزحت من الشمال إلى عدن وكانت تحظى بامتيازات أكثر مما كانت تحصل عليه في الشمال والأهم من ذلك هو المشاركة في صنع القرار السياسي وليس كما حصل للجنوبيين بعد حرب عام 1994 بمشاركتهم في السلطة وليس في صنع القرار».

وكشف عن طرحه خيار «الفيدرالية من إقليمين؛ أثناء الأزمة السياسية التي نشبت بعد توقيع وثيقة العهد والاتفاق في عمان أي قبل الاقتتال والانفصال», إلا أن الرئيس السابق علي عبدالله صالح ونائبه علي سالم البيض «رفضا الفكرة», وقال البيض حينها «نحن مع وحدة اندماجية وعاصمتها جبلة أو تعز».

وفيما يتعلق بما بعد حرب 1994، قال ناصر إن رأيه استقر مبكرًا على ضرورة معالجة آثار الحرب عبر الحوار, وقال حينها «إن الأمور حسمت عسكريًا ولم تحسم سياسيًا»، إلا أن «الطرف المنتشي بالانتصار في الحرب رفضها، بينما ذهب بعضهم إلى الدعوة إلى ‘إصلاح مسار الوحدة’ وغيرها من المبادرات». وقال «لقد فُقِدت الدولة في معناها ومبناها في الجنوب، وهي كذلك مفقودة في الشمال بشهادة المنظمات الدولية المحايدة».

وقال ناصر إن الشيخ حميد الأحمر عرض عليه الترشح للانتخابات الرئاسية في العام 2006, غير أنه اعتذر وقدم مقترحًا بترشيح الدكتور ياسين سعيد نعمان أو الدكتور فرج بن غانم, أو فيصل بن شملان الذي وقع عليه الاختيار والذي توفي في الأول من يناير 2010, وأوضح الرئيس السابق أن حميد الأحمر كان مقتنعًا بالفيدرالية وتقرير المصير «لكنه تراجع عن موقفه التزامًا بموقف حزبه».

وانقسم جنوب اليمن الذي كان دولة تعرف بـ«جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية» في النصف الثاني من ثمانينيات القرن المنصرم إلى «زمرة» و«طغمة» نتيجة الأحداث الشهيرة التي اندلعت في الـ13 من يناير 1986 بين قيادات الحزب الاشتراكي اليمني الحاكم, وحُسب ناصر, بصفته رئيس مجلس الرئاسة, قائدًا لـ«الزمرة» التي كان منها آنذاك الرئيس اليمني الحالي عبدربه منصور هادي.

ودخل جنوب اليمن في وحدة اندماجية مع الجمهورية العربية اليمنية, شمال اليمن, في 22 مايو 1990, إلا أن حرب صيف 1994 أحدثت شرخًا انطلقت منه اليوم الدعوة إلا فك الارتباط والعودة إلى ما قبل عام 1990.

واختتم الرئيس ناصر مقاله «بوصفي مواطنًا أولًا وسياسيًا ثانيًا ورئيس جمهورية في وقت سابق، ووفقًا لمعرفتي وتجربتي، أستطيع القول إن سياسة العبث والتطرف لا تزال تهيمن على فريق واسع ممن لهم صلة بتعقيدات الملف اليمني شمالًا وجنوبًا. لكنني في الوقت ذاته لا أقبل لنفسي الخوض في هذا العبث لمجاراته حتى لو بلغ الغالبية العظمى، فقراءة الواقع بأولوياته ومقتضياته تتباين، ولأجل ذلك لم ولن أبتعد عن مبدأ الحوار الذي لا يرتبط بزمن ولا بمكان معين فهو قاعدة تمضي في كل الظروف».

*لـ قراءة المقال, انقر هنا.