إنهيار متواصل للعملة المحلية أمام الريال السعودي في عدن اليوم بقنابل وصورايخ خارقة للتحصينات… ضربة جوية قوية في قلب بيروت وترجيح إسرائيلي باغتيال الشبح عربيتان تفوزان بجوائز أدبية في الولايات المتحدة قوات كوريا الشمالية تدخل خط الموجهات والمعارك الطاحنة ضد أوكرانيا هجوم جوي يهز بيروت وإعلام إسرائيلي: يكشف عن المستهدف هو قيادي بارز في حزب للّـه مياة الأمطار تغرق شوارع عدن خفايا التحالفات القادمة بين ترامب والسعودية والإمارات لمواجهة الحوثيين في اليمن .. بنك الاهداف في أول تعليق له على لقاء حزب الإصلاح بعيدروس الزبيدي.. بن دغر يوجه رسائل عميقة لكل شركاء المرحلة ويدعو الى الابتعاد عن وهم التفرد وأطروحات الإقصاء الانتحار يتصاعد بشكل مخيف في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي.. طفل بعمر 14 عاما ينهي حياته شنقاً تقرير دولي مخيف....الإنذار المبكر يكشف أن اليمن تتصدر المركز الثاني عالميا في الإحتياج للمساعدات الإنسانية
تقدم الحضارة الغربية نفسها للعالم منذ نشأتها على أنها ثقافة الانفتاح والانعتاق والتحرر والليبرالية والحرية بمختلف تجلياتها، فقد قدمت لنا الثقافة الأوروبية والبريطانية تحديداً مفهوم «السلطة الرابعة» أي سلطة الإعلام التي لا تقل نفوذاً وتأثيراً عن السلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية، بحيث بات الغرب رمزاً للتحرر الإعلامي. وقد جاءت أمريكا لتعطي زخماً جديداً للفضاء الإعلامي بإطلاق مواقع التواصل قبل سنوات لتزيد من مساحة الحرية الإعلامية في العالم أجمع ولتحرر الشعوب من سطوة الإعلام الموجه. لكن كثيرين في العالم راحوا ينظرون إلى الفتوحات الإعلامية الغربية غير المسبوقة تاريخياً بعين الشك والرفض لأنها ستقضي على ثقافات كثيرة في العالم قائمة على الضوابط والمبادئ والعادات والتقاليد الراسخة كالحضارات الشرقية. وبالرغم من أن الموجة الإعلامية التحريرية الغربية اجتاحت العالم من أقصاه إلى أقصاه، إلا أن البعض مازال يعتبرها خطراً على البشرية بسبب تركها الحبل على الغارب لكل أنواع المنشورات الفالتة من عقالها وحتى الإباحية.
وقد انطلقت أصوات كثيرة تطالب بضبط الفضاء الإلكتروني، وخاصة مواقع التواصل الأمريكية التي باتت تهدد كل وسائل الإعلام والمنابر الرسمية السياسية منها والدينية والثقافية والاجتماعية في مختلف أصقاع العالم.
موقع «تيك توك» الصيني، تحول إلى ما يشبه الموقع الإباحي المفتوح على مدار الساعة للجميع. لا شيء ممنوعاً في «تيك توك» فبإمكانك أن تستخدم أي كلام بذيء، وبإمكانك أن تمارس كل أنواع الإسفاف والابتذال والانحطاط
وقد ظن البعض أنه لا بد أن يأتي اليوم الذي تنطلق فيه مواقع تواصل جديدة مناهضة للمواقع الغربية التي تبدو للبعض بلا قيود ولا حدود لإعادة التوازن للفضاء الإعلامي والالكتروني العالمي. لكن الطامة الكبرى أن الصعود الصيني في مواجهة الهيمنة الغربية التكنولوجية والإلكترونية والإعلامية جاء مخيباً للآمال للعالم أجمع، فقد ظن البعض أن الدخول الصيني على خط تكنولوجيا التواصل العالمية قد يعدل الميزان ويعيد التوازن للمحتوى الرقمي الدولي، على اعتبار أن الصين منافس قوي للثقافة الغربية الرأسمالية، أو هكذا يقال. ولا ننسى أن الصين قامت على أسس اشتراكية صارمة أكثر انضباطاً من النظام الرأسمالي الغربي. لكن الغريب في الأمر أن العالم بات يترحم على الثقافة الإلكترونية الإعلامية والتواصلية الغربية بعد أن شعر بصدمة تاريخية من التوجهات الإلكترونية التواصلية الصينية.
من الواضح أن الصين عندما بدأت تقلد النظام الرأسمالي الغربي، لم تكتف بالتقليد فقط، بل راحت تزايد على الرأسمالية الغربية المتوحشة، بحيث تفوقت الصين على الغرب وصار نظامها الرأسمالي أكثر توحشاً وانفلاتاً من أعتى الأنظمة الرأسمالية الغربية. وقد يبدو النظام الغربي الآن أكثر تعقلاً وانضباطاً من النظام الصيني. وربما يعود ذلك لأسباب حضارية ودينية، فالغرب الرأسمالي مهما انفصل عن الدين المسيحي، إلا أنه يبقى إلى حد ما يرتكز على بعض الأسس الحضارية المسيحية، بدليل أن أمريكا أقوى نظام رأسمالي غربي تكتب على دولارها:» بالله نؤمن». وحتى لو كانت هذه العبارة شكلية، إلا أنها مازالت تشير إلى وجود نوع من الأسس الثقافية والدينية للحضارة الغربية. أما الصين فليس لديها أسس دينية يمكن أن تعتمد عليها في بناء حضارتها الجديدة، فمن المعلوم أن أكثر من تسعين بالمائة من الصينيين بلا دين، كي لا نقول ملحدين، وبالتالي فليس لديهم أي منظومة أخلاقية وثقافية وحضارية يمكن أن تصدرها للعالم ثقافياً وإعلامياً وحضارياً بشكل عام. وبالتالي لا عجب أن تكون باكورة مواقع التواصل التي صدرتها الصين للعالم بلا أي قيود ولا حدود ولا ضوابط اجتماعية ولا أخلاقية ولا من يحزنون. وعندما نقارن المحتوى الرقمي المسموح به في مواقع التواصل الغربية والمواقع الصينية سنتفاجأ بأن المواقع الغربية لديها ضوابط وقيود صارمة جداً، ويتم يومياً حذف آلاف الحسابات في فيسبوك وانستغرام وتويتر ويوتيوب لأنها تنتهك المعايير. ولطالما عاقب فيسبوك مثلاً المشتركين فيه بمنعهم من النشر ليوم أو لأسبوع أو شهر وربما أكثر حسب نوعية المخالفة. وأتذكر قبل فترة أن الفيسبوك منع أحد الأشخاص من النشر لأسبوع لمجرد أنه نشر صورة مولود صغير بالكاد تظهر عورته في الصورة. ونشر مثل هذه الصورة ليست جريمة لأن كثيرين يصورون المواليد الجدد في مشافي الولادة ساعة ولادتهم وهم بلا ملابس، مع ذلك فإن فيسبوك يمنع نشر مثل هذه الصور ويعاقب ناشريها بقوة. وكذلك انستغرام ويوتيوب. ولا ننسى أن أي كلمات بذيئة ممنوعة في مواقع التواصل الغربية، وتعمل خوارزميات فيسبوك مثلاً على حذف أي منشور يحتوي على كلمات غير لائقة. ولا يمكن مطلقاً نشر أي فيديوهات تخدش الحياء، فهذه أيضاً مصيرها الحذف والعقوبة في كل مواقع التواصل دون استثناء، لا بل إن يوتيوب بات يدقق في أي فيديو تنشره وضرورة أن يكون مناسباً لشرائح اجتماعية معينة. ولو راجعت معايير النشر في فيسبوك لوجدت أن هناك عشرات المحاذير والضوابط والقيود.
تعالوا الآن إلى موقع «تيك توك» الصيني، فستجد أنه تحول إلى ما يشبه الموقع الإباحي المفتوح على مدار الساعة للجميع. لا شيء ممنوعاً في «تيك توك» فبإمكانك أن تستخدم أي كلام بذيء، وبإمكانك أن تمارس كل أنواع الإسفاف والابتذال والانحطاط والانحلال الأخلاقي في الفيديوهات الشخصية التي تنشرها. وقد غدا هذا التطبيق مرتعاً لملايين الشباب والشابات العربيات ليمارسوا فيه كل أنواع الرذائل والتفاهات دون حسيب أو رقيب.
ولا نعتقد أن السياسة الفالتة من عقالها التي يتبعها التطبيق الصيني بلا هدف، لا أبداً بل هي نموذج للثقافة الإعلامية والتواصلية الاجتماعية التي تريد الصين ترويجها في العالم بعد أن تتربع على عرش القيادة مكان أمريكا والغرب. بعبارة أخرى، فإن تطبيق «تيك توك» هو مجرد مقبلات صينية لما هو قادم في كافة المجالات، ولا نستثني منها مجال الأكل والشرب، فربما تصبح الصراصير والخفافيش أكلة شعبية في كل أنحاء العالم بعد الغزو الصيني. ولا شك أن كثيرين الآن يرددون البيت الشهير: «رب يوم بكيت منه فلما صرت في غيره بكيت عليه.» الطوفان الصيني قادم..اربطوا أحزمة سراويلكم جيداً.